أطفال صحّرها النباح
ثفنات في زمن الذهول
وجع على وجع يدار
كالجدب في رمل القفار
متلفعين الاستتار
مطر تراوده الفصول
كاليتم بين أصابعي
واليتم منشرح العناق
ينمو كغابات الغبار
سقطت على ذاك الزقاق
لعب كأصنام صقيع
والليل منكسر الرحيل
عبّ الزنازين الهطول
غربالها الحدق الصغار
والماء منزلق القرار
في همهمات للرياح
حقل سيبعثه الغياب
فرس تحلّق في خطاه
وشمت على هذا التراب
ذكرى لقاء العاشقين
تحكي نداء للدماء
كالنوح للحلم الصريع
وتنهدات السلسبيل
سكنت شناشيل الأصيل
سكبت عناقات الغرام
هذا العناق المستحيل
قبل تعرّت كالغمام
وتبعثرت شغفا غزير
أطفال والمدن القصاء
خطو كرحلة سندباد
يغتالها الموج العباب
أطفال كنا حالمين
قطعوا نهود الياسمين
والنخل يقتله الحياء
عطش إلى الوصل الرواء
نامت على سرر الشموس
شح المسرة واللصوص
يسقون حقل القيظ بالنهم النماء
زرعوا بنات الليل في وجه النهار
شرعوا بغاء الدرب للأفق النكوص
أطفال . . مجمرة تمتعنا الرماد
في اللامبالاة الذؤابة تستكين
في وجه أمي كان يرتعد انتظار
وتلونت في وجهها سحب الدعاء
الملح طقطق وابتهالات النذور
في صرة جمعت لتشتل كالبذور
في جمرة العطب المخضب بالبخور
وأبي سفير الموت في السغب الأمين
أحياء كنا والبيوت شواهد
والليل مدّثر بخلد الاحتمال
حضنت تعاويذ التفجع والخراب
حرقت طلاسمها المحطات الغياب
الورد يغتسل التواريخ النفاذ
اسم بقى والشمس حنظلة القبور
والخرقة السوداء تأكلها الدهور
نضبت عيون الناس من أمد بعيد
هم يشربون الأرض والأفق السعيد
وغدا عناء الشط رغو العندليب
وهنت خطى الأزهار من كذب الصباح
ما فاح إلا شوكة تلد النباح
أطفال . . والأطفال كذبة صامتين
ملؤوا شقوق الدرب بالضحك المباح
لحقوا الحصاد المر قبل الراحلين
ركبوا سقوط الأرض في زمن السفاح